التمسّك بالمرجعية في زمن الغيبة الكبرى.
علاقة عملية التمحيص بالغيبة الكبرى:
عند الرجوع إلىٰ الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام نجد أنَّ الأئمَّة الأطهار قد حذَّروا من مرحلةٍ حرجةٍ خطيرةٍ يمرُّ بها المجتمعُ الشيعيُ، وهي مرحلة التمحيص، فمن تلك الروايات:
١ _ ما ورد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: (مع القائم عليه السلام من العرب شيءء يسير)، فقيل له: إنَّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير!! قال: (لا بدَّ للناس من أن يُمحَّصوا ويُميَّزوا ويُغربَلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير) [(الغيبة للنعماني: ٢١٢٢، ورواها عن أبي يعفور أيضاً؛ كما رواها عنه الشيخ الكليني في الكافي ١١: ٣٧٠)].
٢ _ وعنه عليه السلام أيضاً: (هيهاتَ هيهاتَ! لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم _ يعني ظهور الإمام المهديي عليه السلام _ حتَّىٰ تُميَّزوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّىٰ تُمحَّصوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّىٰ تُغربَلوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلَّا بعد إياسٍ، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّىٰ يشقىٰ مَنْ يشقىٰ ويسعد مَنْ يسعد) [(الكافي ١: ٣٧٠؛ الغيبة للشيخ الطوسي: ٣٣٥)].
والحاصل: أنَّ الروايات تتحدَّث عن حقيقةٍ مخيفةٍ، وهي عملية التمحيص التي سيتعرَّض لها المجتمعع الشيعي، وسيخرج من هذه العملية خلقٌ كثيرٌ، وهذه العملية مرتبطةٌ بغيبة الإمام المهدي عليه السلام، فقد ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: (والله لأُقْتَلَنَّ أنا وابناي هذان _ يعني: الحسن والحسين _ وليبعثنَّ اللهُ رجلاً من ولدي في آخر الزمان يُطالِب بدمائنا، وليغيبنَّ عنهم تمييزاً لأهل الضَّلالة حتَّىٰ يقول الجاهلُ: ما لله في آل أحمد من حاجةٍ) [(الغيبة للنعماني: ١٤٣)].
فقوله عليه السلام: (وليغيبنَّ عنهم تمييزاً) واضح الدلالة على ما قلناه من ارتباط عملية التمحيص بغيبةة الإمام المنتظر عليه السلام، ولكن الذي ينبغي أن يقع البحث حوله في هذه الرواية الشريفة هو بيان حقيقة هذه العلاقة بين الغيبة والتمحيص، فهل هي من قبيل علاقة العليَّة أم علاقة الهدفية؟
تحقيق في حقيقة العلاقة بين الغيبة والتمحيص:
وقبل بيان الحقيقة لا بدَّ وأن نُفرِّق أوَّلاً بين العلاقتين، وذلك متوقّف علىٰ فهم الفرق بين العلّية والهدفية، أو فقل: بين مصطلحي العلَّة والحكمة، وبيانه:
أنَّه قد قُرِرَ في محلّه أنَّ العلَّة هي التي يدور المعلولُ مدارَها وجوداً وعدماً، فإذا وُجِدَت وُجِدَ وإذا انعدمت انعدم، بينما الحكمة هي المصلحة والثمرة المترتّبة علىٰ وجود الشيء، فقد يوجد الشيءُ ولا توجد، وقد يوجد وتوجد معه.
وبعبارة أُخرى: أنَّ علاقة العلّية هي علاقة تلازمية لا تتخلَّف، فإذا وُجِدَت العلَّة لا بدَّ وأن يوجد المعلول منن غير تخلّف، وهذا النحو من الملازمة غير موجود في الحكمة والهدفية، إذ يمكن تخلّفه كما يمكن تحقّقه.
إذا اتَّضح ذلك نقول: هل أنَّ العلاقة بين غيبة وليّ الله الأعظم أرواحنا فداه، وبين التمحيص والغربلةة والتمييز ونحوها من العناوين الواردة في الروايات الشريفة، هي علاقة العلّية، بحيث إنَّ الله تبارك وتعالىٰ إنَّما غيَّب وليَّه من أجل تمحيص الشيعة وغربلتهم، ولو أنَّه لم يرد تمحيصهم لما غيَّبه، أم أنَّه غيَّبه لعلَّة تخفىٰ علينا، وأحد أهداف تغييبه هو التمحيص؟
الصحيح هو الثاني، لعدم معرفة أحد بعلَّة الغيبة، وهذا ما دلَّت بعض الروايات الشريفة، منها خبر عبد الله بن الفضل: قال الإمام الصادق عليه السلام: (إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبةً لا بدَّ منها، يرتاب فيها كلُّ مبطلٍ)، فقلتُ: ولِمَ جُعِلْتُ فداك؟ قال: (ذلك لأمرٍ لم يُؤْذَن لنا في كشفه لكم) [(كمال الدين وتمام النعمة: ٤٨٢؛ علل الشرائع ١١: ٢٤٦)].
والحاصل: فإنَّ علَّة الغيبة لا يعلمها إلَّا الله تبارك وتعالى وخزّان علمه، وبهذا تتبيَّن الملاحظة علىٰ ماا يذكره البعض من كون العلَّة من غيبته هي الخوف من القتل، أو اكتساب الخبرات القياديَّة! أو غير ذلك من التعليلات التي لا مستند لها.
* * *
عند الرجوع إلىٰ الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام نجد أنَّ الأئمَّة الأطهار قد حذَّروا من مرحلةٍ حرجةٍ خطيرةٍ يمرُّ بها المجتمعُ الشيعيُ، وهي مرحلة التمحيص، فمن تلك الروايات:
١ _ ما ورد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: (مع القائم عليه السلام من العرب شيءء يسير)، فقيل له: إنَّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير!! قال: (لا بدَّ للناس من أن يُمحَّصوا ويُميَّزوا ويُغربَلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير) [(الغيبة للنعماني: ٢١٢٢، ورواها عن أبي يعفور أيضاً؛ كما رواها عنه الشيخ الكليني في الكافي ١١: ٣٧٠)].
٢ _ وعنه عليه السلام أيضاً: (هيهاتَ هيهاتَ! لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم _ يعني ظهور الإمام المهديي عليه السلام _ حتَّىٰ تُميَّزوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّىٰ تُمحَّصوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّىٰ تُغربَلوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلَّا بعد إياسٍ، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّىٰ يشقىٰ مَنْ يشقىٰ ويسعد مَنْ يسعد) [(الكافي ١: ٣٧٠؛ الغيبة للشيخ الطوسي: ٣٣٥)].
والحاصل: أنَّ الروايات تتحدَّث عن حقيقةٍ مخيفةٍ، وهي عملية التمحيص التي سيتعرَّض لها المجتمعع الشيعي، وسيخرج من هذه العملية خلقٌ كثيرٌ، وهذه العملية مرتبطةٌ بغيبة الإمام المهدي عليه السلام، فقد ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: (والله لأُقْتَلَنَّ أنا وابناي هذان _ يعني: الحسن والحسين _ وليبعثنَّ اللهُ رجلاً من ولدي في آخر الزمان يُطالِب بدمائنا، وليغيبنَّ عنهم تمييزاً لأهل الضَّلالة حتَّىٰ يقول الجاهلُ: ما لله في آل أحمد من حاجةٍ) [(الغيبة للنعماني: ١٤٣)].
فقوله عليه السلام: (وليغيبنَّ عنهم تمييزاً) واضح الدلالة على ما قلناه من ارتباط عملية التمحيص بغيبةة الإمام المنتظر عليه السلام، ولكن الذي ينبغي أن يقع البحث حوله في هذه الرواية الشريفة هو بيان حقيقة هذه العلاقة بين الغيبة والتمحيص، فهل هي من قبيل علاقة العليَّة أم علاقة الهدفية؟
تحقيق في حقيقة العلاقة بين الغيبة والتمحيص:
وقبل بيان الحقيقة لا بدَّ وأن نُفرِّق أوَّلاً بين العلاقتين، وذلك متوقّف علىٰ فهم الفرق بين العلّية والهدفية، أو فقل: بين مصطلحي العلَّة والحكمة، وبيانه:
أنَّه قد قُرِرَ في محلّه أنَّ العلَّة هي التي يدور المعلولُ مدارَها وجوداً وعدماً، فإذا وُجِدَت وُجِدَ وإذا انعدمت انعدم، بينما الحكمة هي المصلحة والثمرة المترتّبة علىٰ وجود الشيء، فقد يوجد الشيءُ ولا توجد، وقد يوجد وتوجد معه.
وبعبارة أُخرى: أنَّ علاقة العلّية هي علاقة تلازمية لا تتخلَّف، فإذا وُجِدَت العلَّة لا بدَّ وأن يوجد المعلول منن غير تخلّف، وهذا النحو من الملازمة غير موجود في الحكمة والهدفية، إذ يمكن تخلّفه كما يمكن تحقّقه.
إذا اتَّضح ذلك نقول: هل أنَّ العلاقة بين غيبة وليّ الله الأعظم أرواحنا فداه، وبين التمحيص والغربلةة والتمييز ونحوها من العناوين الواردة في الروايات الشريفة، هي علاقة العلّية، بحيث إنَّ الله تبارك وتعالىٰ إنَّما غيَّب وليَّه من أجل تمحيص الشيعة وغربلتهم، ولو أنَّه لم يرد تمحيصهم لما غيَّبه، أم أنَّه غيَّبه لعلَّة تخفىٰ علينا، وأحد أهداف تغييبه هو التمحيص؟
الصحيح هو الثاني، لعدم معرفة أحد بعلَّة الغيبة، وهذا ما دلَّت بعض الروايات الشريفة، منها خبر عبد الله بن الفضل: قال الإمام الصادق عليه السلام: (إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبةً لا بدَّ منها، يرتاب فيها كلُّ مبطلٍ)، فقلتُ: ولِمَ جُعِلْتُ فداك؟ قال: (ذلك لأمرٍ لم يُؤْذَن لنا في كشفه لكم) [(كمال الدين وتمام النعمة: ٤٨٢؛ علل الشرائع ١١: ٢٤٦)].
والحاصل: فإنَّ علَّة الغيبة لا يعلمها إلَّا الله تبارك وتعالى وخزّان علمه، وبهذا تتبيَّن الملاحظة علىٰ ماا يذكره البعض من كون العلَّة من غيبته هي الخوف من القتل، أو اكتساب الخبرات القياديَّة! أو غير ذلك من التعليلات التي لا مستند لها.
* * *
تعليقات
إرسال تعليق
أضف تعليقاً