٥- ذكر الأدلّة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة .
فإن قيل: يوجده الله إذا علم أنّا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنَّه يظهر عند مثل ذلك.
قلنا: وجوب تمكينه والانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته والمصير إلى أمره ممكناً في جميع الأحوال وإلاَّ لم يحسن التكليف وإنَّما كان يتمّ ذلك لو لم نكن مكلّفين في كلّ حال لوجوب طاعته والانقياد لأمره، بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره والأمر بخلافه.
ثُمَّ يقال لمن خالفنا في ذلك وألزمنا عدمه على استتاره: لِمَ لا يجوز أن يكلّف الله تعالى المعرفة ولا ينصب عليها دلالة إذا علم أنّا لا ننظر فيها حتّى إذا علم من حالنا أنّا نقصد إلى النظر ونعزم على ذلك، أوجد الأدلّة ونصبها فحينئذٍ ننظر ونقول: ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها وبين عدمها حتَّى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله؟
ومتى قالوا: نصب الأدلّة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة والآلة.
قلنا: وكذلك وجود الإمام عليه السلام من جملة التمكين من وجوب طاعته ومتى لم يكن موجوداً لم يمكناّ [في المصدر: (تمكناّ)] طاعته كما أنَّ الأدلّة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الأمران.
وبهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيها [في المصدر: (نرتضيهاّ)] في الجواب وأسئلة المخالف عليها وهذا المعنى مستوفى في كتبي وخاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.
والمثال الذي ذكره من أنَّه لو أوجب الله علينا أن نتوضأ من ماء بئر معيّنة لم يكن لها حبل يستقى [في المصدر: (نستقي)] به، وقال لنا: إن دنوتم من البئر خلقت لكم حبلاً تستقون به من الماء فإنَّه يكون مزيحاً لعلّتنا ومتى لم ندن من البئر كنّا قد أتينا من قبل نفوسنا لا من قبله تعالى، وكذلك لو قال السيّد لعبده وهو بعيد منه: اشتر لي لحماً من السوق فقال: لا أتمكّن من ذلك لأنَّه ليس معي ثمنه، فقال: إن دنوت أعطيتك ثمنه فإنَّه يكون مزيحاً لعلّته، ومتى لم يدن لأخذ الثمن يكون قد أتي من قبل نفسه لا من قبل سيّده، وهذه حال ظهور الإمام مع تمكيننا فيجب أن يكون عدم تمكيننا هو السبب في أن لم يظهر في هذه الأحوال لا عدمه إذ كنّا لو مكّناه لوجد وظهر.
قلنا: هذا كلام من يظنّ أنَّه يجب علينا تمكينه إذا ظهر ولا يجب علينا ذلك في كلّ حال، ورضينا بالمثال الذي ذكره لأنَّه تعالى لو أوجب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلاً في الحال لأنَّ به تنزاح العلّة لكن إذا قال: متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنَّما هو مكلّف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال لأنَّه ليس بمكلّف للاستقاء منها فإذا دنا من البئر صار حينئذٍ مكلّفاً للاستقاء فيجب عند ذلك أن يخلق له الحبل، فنظير ذلك أن لا يجب علينا في كلّ حال طاعة الإمام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده فلمَّا كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجوداً لتنزاح العلّة في التكليف ويحسن.
والجواب عن مثال السيّد مع غلامه مثل ذلك لأنَّه إنَّما كلّفه الدنو منه لا الشراء فإذا دنا منه وكلّفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن ولهذا قلنا: إنَّ الله تعالى كلَّف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلّة لأنَّه لم يكلّفهم الآن فإذا أوجدهم وأزاح علّتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الأدلّة حينئذٍ تناولهم التكليف، فسقط بذلك هذه المغالطة.
على أنَّ الإمام إذا كان مكلّفاً للقيام بالأمر وتحمّل أعباء الإمامة كيف يجوز أن يكون معدوماً وهل يصحّ تكليف المعدوم عند عاقل، وليس لتكليفه ذلك تعلّق بتمكيننا أصلاً، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمّله على ما مضى القول فيه وهذا واضح.
* * *
قلنا: وجوب تمكينه والانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته والمصير إلى أمره ممكناً في جميع الأحوال وإلاَّ لم يحسن التكليف وإنَّما كان يتمّ ذلك لو لم نكن مكلّفين في كلّ حال لوجوب طاعته والانقياد لأمره، بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره والأمر بخلافه.
ثُمَّ يقال لمن خالفنا في ذلك وألزمنا عدمه على استتاره: لِمَ لا يجوز أن يكلّف الله تعالى المعرفة ولا ينصب عليها دلالة إذا علم أنّا لا ننظر فيها حتّى إذا علم من حالنا أنّا نقصد إلى النظر ونعزم على ذلك، أوجد الأدلّة ونصبها فحينئذٍ ننظر ونقول: ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها وبين عدمها حتَّى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله؟
ومتى قالوا: نصب الأدلّة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة والآلة.
قلنا: وكذلك وجود الإمام عليه السلام من جملة التمكين من وجوب طاعته ومتى لم يكن موجوداً لم يمكناّ [في المصدر: (تمكناّ)] طاعته كما أنَّ الأدلّة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الأمران.
وبهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيها [في المصدر: (نرتضيهاّ)] في الجواب وأسئلة المخالف عليها وهذا المعنى مستوفى في كتبي وخاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.
والمثال الذي ذكره من أنَّه لو أوجب الله علينا أن نتوضأ من ماء بئر معيّنة لم يكن لها حبل يستقى [في المصدر: (نستقي)] به، وقال لنا: إن دنوتم من البئر خلقت لكم حبلاً تستقون به من الماء فإنَّه يكون مزيحاً لعلّتنا ومتى لم ندن من البئر كنّا قد أتينا من قبل نفوسنا لا من قبله تعالى، وكذلك لو قال السيّد لعبده وهو بعيد منه: اشتر لي لحماً من السوق فقال: لا أتمكّن من ذلك لأنَّه ليس معي ثمنه، فقال: إن دنوت أعطيتك ثمنه فإنَّه يكون مزيحاً لعلّته، ومتى لم يدن لأخذ الثمن يكون قد أتي من قبل نفسه لا من قبل سيّده، وهذه حال ظهور الإمام مع تمكيننا فيجب أن يكون عدم تمكيننا هو السبب في أن لم يظهر في هذه الأحوال لا عدمه إذ كنّا لو مكّناه لوجد وظهر.
قلنا: هذا كلام من يظنّ أنَّه يجب علينا تمكينه إذا ظهر ولا يجب علينا ذلك في كلّ حال، ورضينا بالمثال الذي ذكره لأنَّه تعالى لو أوجب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلاً في الحال لأنَّ به تنزاح العلّة لكن إذا قال: متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنَّما هو مكلّف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال لأنَّه ليس بمكلّف للاستقاء منها فإذا دنا من البئر صار حينئذٍ مكلّفاً للاستقاء فيجب عند ذلك أن يخلق له الحبل، فنظير ذلك أن لا يجب علينا في كلّ حال طاعة الإمام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده فلمَّا كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجوداً لتنزاح العلّة في التكليف ويحسن.
والجواب عن مثال السيّد مع غلامه مثل ذلك لأنَّه إنَّما كلّفه الدنو منه لا الشراء فإذا دنا منه وكلّفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن ولهذا قلنا: إنَّ الله تعالى كلَّف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلّة لأنَّه لم يكلّفهم الآن فإذا أوجدهم وأزاح علّتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الأدلّة حينئذٍ تناولهم التكليف، فسقط بذلك هذه المغالطة.
على أنَّ الإمام إذا كان مكلّفاً للقيام بالأمر وتحمّل أعباء الإمامة كيف يجوز أن يكون معدوماً وهل يصحّ تكليف المعدوم عند عاقل، وليس لتكليفه ذلك تعلّق بتمكيننا أصلاً، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمّله على ما مضى القول فيه وهذا واضح.
* * *
تعليقات
إرسال تعليق
أضف تعليقاً