٤- ذكر الأدلّة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة .
وأمَّا الكلام في الفصل الثالث من قوله: (إنَّ الفائدة بالإمامة هي كونه مبعّداً من القبيح على قولكم وذلك لم يحصل مع غيبته فلم ينفصل وجوده من عدمه فإذا لم يختصّ وجوده غائباً بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم [في المصدر: (دليلكم)] وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنَّه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلّق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال).
فإنّا نقول: إنَّه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدّمات وردّ بعضها على بعض ولا شكّ أنَّه قصد بذلك التمويه والمغالطة وإلاَّ فالأمر أوضح من أن يخفى [في المصدر إضافه: (و)] متى قالت الإمامية: إنَّ انبساط يد الإمام لا يجب في حال الغيبة حتّى يقول: دليلكم لا يدلُّ على وجوب إمام غير منبسط اليد لأنَّ هذه حال الغيبة؟، بل الذي صرَّحنا [في المصدر إضافه: (به)] دفعة بعد أخرى أنَّ انبساط يده واجب في الحالين في حال ظهوره وحال غيبته غير أنَّ حال ظهوره مكّن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكّن فانقبضت يده لا أنَّ انبساط يده خرج من باب الوجوب وبيّنا أنَّ الحجة بذلك قائمة على المكلّفين من حيث منعوه ولم يمكّنوه فاتوا من قبل نفوسهم، وشبّهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد أخرى.
وأيضاً فإنّا نعلم أنَّ نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمّله القيام بما لا يقوم به غيره، ومع هذا فليس التمكين واقعاً لأهل الحلّ والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم ومع هذا لا يقول أحد: إنَّ وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه، فجوابنا في غيبة الإمام جوابهم في منع أهل الحلّ والعقد من اختيار من يصلح لإمامة ولا فرق بينهما فإنَّما الخلاف بيننا أنّا قلنا: علمنا ذلك عقلاً، وقالوا: ذلك معلوم شرعاً وذلك فرق من غير موضع الجمع.
فإن قيل: أهل الحلّ والعقد إذا لم يتمكّنوا [في المصدر: (يمكّنوا)] من اختيار من يصلح للإمامة فإنَّ الله يفعل ما يقوم مقام ذلك من الألطاف فلا يجب إسقاط التكليف وفي الشيوخ من قال: إنَّ الإمام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف.
قلنا: أمَّا من قال: نصب الإمام لمصالح دنياوية، قوله يفسد لأنَّه لو كان كذلك لما وجب إمامته ولا خلاف بينهم في أنَّه يجب إقامة الإمامة مع الاختيار على أنَّ ما يقوم به الإمام من الجهاد وتولية الأمراء والقضاء، وقسمة الفئ، واستيفاء الحدود والقصاصات أمور دينية لا يجوز تركها، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك فقوله ساقط بذلك. وأمَّا من قال: يفعل الله ما يقوم مقامه، باطل لأنَّه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الإمام مطلقاً على كلّ حال ولكان يكون ذلك من باب التخيير كما نقول في فروض الكفايات وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كلّ حال دليل على فساد ما قالوه.
على أنَّه يلزم على الوجهين جميعاً المعرفة بأن يقال: الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها فلا يجب عليه المعرفة على كلّ حال، أو يقال: إنَّما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة، ومتى قيل: إنَّه لا بدل للمعرفة، قلنا: وكذلك لا بدل للإمام، على ما مضى وذكرناه في تلخيص الشافي، وكذلك إن بيّنوا أنَّ الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني، قلنا: مثل ذلك في وجود الإمام سواء.
فإن قيل: لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده فإن قلتم: يجب جميع ذلك على الله، فإنَّه ينتقض بحال الغيبة لأنَّه لم يوجد إمام منبسط اليد وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف ما لا يطاق لأنّا لا نقدر على إيجاده وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه مع أنَّ فيه أنَّه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف للغير وكيف يجب على زيد بسط يد الإمام ليحصل [في المصدر: (لتحصل)] لطف عمرو، وهل ذلك إلاَّ نقض الأصول.
قلنا: الذي نقوله: إنَّ وجود الإمام المنبسط اليد إذا ثبت أنَّه لطف لنا على ما دللنا عليه ولم يكن إيجاده في مقدورنا لم يحسن أن نكلّف إيجاده لأنَّه تكليف ما لا يطاق وبسط يده وتقوية سلطانه قد يكون في مقدورنا وفي مقدور الله فإذا لم يفعل الله علمنا أنَّه غير واجب عليه وأنَّه واجب علينا لأنَّه لا بدَّ من أن يكون منبسط اليد ليتمّ الغرض بالتكليف وبيّنا بذلك أنَّ بسط يده لو كان من فعله تعالى لقهر الخلق عليه بالحيلولة بينه وبين أعدائه وتقوية أمره بالملائكة وبما أدّى إلى سقوط الغرض بالتكليف، وحصول الالجاء، فإذاً يجب علينا بسط يده على كلّ حال وإذا لم نفعله أتينا من قبل نفوسنا.
فأمَّا قولهم: في ذلك إيجاد اللطف علينا للغير، غير صحيح لأنّا نقول: إنَّ كل من يجب عليه نصرة الإمام وتقوية سلطانه له في ذلك مصلحة تخصّه وإن كانت فيه مصلحة ترجع إلى غيره كما تقوله في أنَّ الأنبياء يجب عليهم تحمّل أعباء النبوة والأداء إلى الخلق ما هو مصلحة لهم لأنَّ لهم في القيام بذلك مصلحة تخصّهم وإن كانت فيها مصلحة لغيرهم. ويلزم المخالف في أهل الحلّ والعقد بأن يقال: كيف يجب عليهم اختيار الإمام لمصلحة ترجع إلى جميع الأمّة وهل ذلك إلاَّ إيجاب الفعل عليهم لما يرجع إلى مصلحة غيرهم فأيّ شيء أجابوا به فهو جوابنا بعينه سواء.
فإن قيل: لِمَ زعمتم أنَّه يجب إيجاده في حال الغيبة وهلاّ جاز أن يكون معدوماً؟
قلنا: إنَّما أوجبناه من حيث إنَّ تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتمّ إلاَّ بعد وجوده وإيجاده لم يكن في مقدورنا، قلنا عند ذلك: إنَّه يجب على الله ذلك وإلاَّ أدّى إلى أن لا نكون مزاحي العلّة بفعل اللطف فنكون أتينا من قبله تعالى لا من قبلنا وإذا أوجده ولم نمكّنه من انبساط يده أتينا من قبل نفوسنا فحسن التكليف وفي الأوّل لم يحسن.
فإن قيل: ما الذي تريدون بتمكيننا إيّاه؟ أتريدون أن نقصده ونشافهه وذلك لا يتمّ إلاَّ مع وجوده وقيل لكم: لا يصحّ جميع ذلك إلاَّ مع ظهوره وعلمنا أو علم بعضنا بمكانه، وإن قلتم: نريد بتمكيننا أن نبخع [في أربع نسخ من المصدر: (ننجع) بدل (نبخع)] بطاعته [في المصدر: (لطاعته)] والشدّ على يده ونكفّ عن نصرة الظالمين ونقوم على نصرته متى دعانا إلى إمامته ودلَّنا عليها بمعجزته، قلنا لكم: فنحن يمكننا ذلك في زمان الغيبة وإن لم يكن الإمام موجوداً فيه. فكيف قلتم لا يتم ما كلفناه من ذلك إلاَّ مع وجود الإمام؟
قلنا: الذي نقوله في هذا الباب ما ذكره المرتضى رحمه الله في الذخيرة وذكرناه في تلخيص الشافي أنَّ الذي هو لطفنا من تصرّف الإمام وانبساط يده لا يتمّ إلاَّ بأمور ثلاثة: أحدها يتعلّق بالله وهو إيجاده، والثاني يتعلّق به من تحمّل أعباء الإمامة والقيام بها، والثالث يتعلّق بنا من العزم على نصرته، ومعاضدته، والانقياد له، فوجوب تحمّله عليه فرع على وجوده لأنَّه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم فصار إيجاد الله إيّاه أصلاً لوجوب قيامه، وصار وجوب نصرته علينا فرعاً لهذين الأصلين لأنَّه إنَّما يجب علينا طاعته إذا وجد، وتحمّل أعباء الإمامة وقام بها، فحينئذٍ يجب علينا طاعته، فمع هذا التحقيق كيف يقال: لِمَ لا يكن معدوماً؟
فإن قيل: فما الفرق بين أن يكون موجوداً مستتراً أو معدوماً حتَّى إذا علم [في المصدر إضافه لفظه الجلاله: (الله)] منّا العزم على تمكينه أوجده؟
قلنا: لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لأنَّه تكليف ما لا يطاق فإذاً لا بدَّ من وجوده.
* * *
فإنّا نقول: إنَّه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدّمات وردّ بعضها على بعض ولا شكّ أنَّه قصد بذلك التمويه والمغالطة وإلاَّ فالأمر أوضح من أن يخفى [في المصدر إضافه: (و)] متى قالت الإمامية: إنَّ انبساط يد الإمام لا يجب في حال الغيبة حتّى يقول: دليلكم لا يدلُّ على وجوب إمام غير منبسط اليد لأنَّ هذه حال الغيبة؟، بل الذي صرَّحنا [في المصدر إضافه: (به)] دفعة بعد أخرى أنَّ انبساط يده واجب في الحالين في حال ظهوره وحال غيبته غير أنَّ حال ظهوره مكّن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكّن فانقبضت يده لا أنَّ انبساط يده خرج من باب الوجوب وبيّنا أنَّ الحجة بذلك قائمة على المكلّفين من حيث منعوه ولم يمكّنوه فاتوا من قبل نفوسهم، وشبّهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد أخرى.
وأيضاً فإنّا نعلم أنَّ نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمّله القيام بما لا يقوم به غيره، ومع هذا فليس التمكين واقعاً لأهل الحلّ والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم ومع هذا لا يقول أحد: إنَّ وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه، فجوابنا في غيبة الإمام جوابهم في منع أهل الحلّ والعقد من اختيار من يصلح لإمامة ولا فرق بينهما فإنَّما الخلاف بيننا أنّا قلنا: علمنا ذلك عقلاً، وقالوا: ذلك معلوم شرعاً وذلك فرق من غير موضع الجمع.
فإن قيل: أهل الحلّ والعقد إذا لم يتمكّنوا [في المصدر: (يمكّنوا)] من اختيار من يصلح للإمامة فإنَّ الله يفعل ما يقوم مقام ذلك من الألطاف فلا يجب إسقاط التكليف وفي الشيوخ من قال: إنَّ الإمام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف.
قلنا: أمَّا من قال: نصب الإمام لمصالح دنياوية، قوله يفسد لأنَّه لو كان كذلك لما وجب إمامته ولا خلاف بينهم في أنَّه يجب إقامة الإمامة مع الاختيار على أنَّ ما يقوم به الإمام من الجهاد وتولية الأمراء والقضاء، وقسمة الفئ، واستيفاء الحدود والقصاصات أمور دينية لا يجوز تركها، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك فقوله ساقط بذلك. وأمَّا من قال: يفعل الله ما يقوم مقامه، باطل لأنَّه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الإمام مطلقاً على كلّ حال ولكان يكون ذلك من باب التخيير كما نقول في فروض الكفايات وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كلّ حال دليل على فساد ما قالوه.
على أنَّه يلزم على الوجهين جميعاً المعرفة بأن يقال: الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها فلا يجب عليه المعرفة على كلّ حال، أو يقال: إنَّما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة، ومتى قيل: إنَّه لا بدل للمعرفة، قلنا: وكذلك لا بدل للإمام، على ما مضى وذكرناه في تلخيص الشافي، وكذلك إن بيّنوا أنَّ الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني، قلنا: مثل ذلك في وجود الإمام سواء.
فإن قيل: لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده فإن قلتم: يجب جميع ذلك على الله، فإنَّه ينتقض بحال الغيبة لأنَّه لم يوجد إمام منبسط اليد وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف ما لا يطاق لأنّا لا نقدر على إيجاده وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه مع أنَّ فيه أنَّه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف للغير وكيف يجب على زيد بسط يد الإمام ليحصل [في المصدر: (لتحصل)] لطف عمرو، وهل ذلك إلاَّ نقض الأصول.
قلنا: الذي نقوله: إنَّ وجود الإمام المنبسط اليد إذا ثبت أنَّه لطف لنا على ما دللنا عليه ولم يكن إيجاده في مقدورنا لم يحسن أن نكلّف إيجاده لأنَّه تكليف ما لا يطاق وبسط يده وتقوية سلطانه قد يكون في مقدورنا وفي مقدور الله فإذا لم يفعل الله علمنا أنَّه غير واجب عليه وأنَّه واجب علينا لأنَّه لا بدَّ من أن يكون منبسط اليد ليتمّ الغرض بالتكليف وبيّنا بذلك أنَّ بسط يده لو كان من فعله تعالى لقهر الخلق عليه بالحيلولة بينه وبين أعدائه وتقوية أمره بالملائكة وبما أدّى إلى سقوط الغرض بالتكليف، وحصول الالجاء، فإذاً يجب علينا بسط يده على كلّ حال وإذا لم نفعله أتينا من قبل نفوسنا.
فأمَّا قولهم: في ذلك إيجاد اللطف علينا للغير، غير صحيح لأنّا نقول: إنَّ كل من يجب عليه نصرة الإمام وتقوية سلطانه له في ذلك مصلحة تخصّه وإن كانت فيه مصلحة ترجع إلى غيره كما تقوله في أنَّ الأنبياء يجب عليهم تحمّل أعباء النبوة والأداء إلى الخلق ما هو مصلحة لهم لأنَّ لهم في القيام بذلك مصلحة تخصّهم وإن كانت فيها مصلحة لغيرهم. ويلزم المخالف في أهل الحلّ والعقد بأن يقال: كيف يجب عليهم اختيار الإمام لمصلحة ترجع إلى جميع الأمّة وهل ذلك إلاَّ إيجاب الفعل عليهم لما يرجع إلى مصلحة غيرهم فأيّ شيء أجابوا به فهو جوابنا بعينه سواء.
فإن قيل: لِمَ زعمتم أنَّه يجب إيجاده في حال الغيبة وهلاّ جاز أن يكون معدوماً؟
قلنا: إنَّما أوجبناه من حيث إنَّ تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتمّ إلاَّ بعد وجوده وإيجاده لم يكن في مقدورنا، قلنا عند ذلك: إنَّه يجب على الله ذلك وإلاَّ أدّى إلى أن لا نكون مزاحي العلّة بفعل اللطف فنكون أتينا من قبله تعالى لا من قبلنا وإذا أوجده ولم نمكّنه من انبساط يده أتينا من قبل نفوسنا فحسن التكليف وفي الأوّل لم يحسن.
فإن قيل: ما الذي تريدون بتمكيننا إيّاه؟ أتريدون أن نقصده ونشافهه وذلك لا يتمّ إلاَّ مع وجوده وقيل لكم: لا يصحّ جميع ذلك إلاَّ مع ظهوره وعلمنا أو علم بعضنا بمكانه، وإن قلتم: نريد بتمكيننا أن نبخع [في أربع نسخ من المصدر: (ننجع) بدل (نبخع)] بطاعته [في المصدر: (لطاعته)] والشدّ على يده ونكفّ عن نصرة الظالمين ونقوم على نصرته متى دعانا إلى إمامته ودلَّنا عليها بمعجزته، قلنا لكم: فنحن يمكننا ذلك في زمان الغيبة وإن لم يكن الإمام موجوداً فيه. فكيف قلتم لا يتم ما كلفناه من ذلك إلاَّ مع وجود الإمام؟
قلنا: الذي نقوله في هذا الباب ما ذكره المرتضى رحمه الله في الذخيرة وذكرناه في تلخيص الشافي أنَّ الذي هو لطفنا من تصرّف الإمام وانبساط يده لا يتمّ إلاَّ بأمور ثلاثة: أحدها يتعلّق بالله وهو إيجاده، والثاني يتعلّق به من تحمّل أعباء الإمامة والقيام بها، والثالث يتعلّق بنا من العزم على نصرته، ومعاضدته، والانقياد له، فوجوب تحمّله عليه فرع على وجوده لأنَّه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم فصار إيجاد الله إيّاه أصلاً لوجوب قيامه، وصار وجوب نصرته علينا فرعاً لهذين الأصلين لأنَّه إنَّما يجب علينا طاعته إذا وجد، وتحمّل أعباء الإمامة وقام بها، فحينئذٍ يجب علينا طاعته، فمع هذا التحقيق كيف يقال: لِمَ لا يكن معدوماً؟
فإن قيل: فما الفرق بين أن يكون موجوداً مستتراً أو معدوماً حتَّى إذا علم [في المصدر إضافه لفظه الجلاله: (الله)] منّا العزم على تمكينه أوجده؟
قلنا: لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لأنَّه تكليف ما لا يطاق فإذاً لا بدَّ من وجوده.
* * *
تعليقات
إرسال تعليق
أضف تعليقاً