صيحة السماء لا الفضاء فلا تبيعوا أنفسكم للشيطان .

 والروايات الدالّة علىٰ كون ظهور اليماني قبيل ظهور الإمام عليه السلام وقيامه هي:
١ _ عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكيَّة، واليماني)، فقلت: جُعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال عليه السلام: لا)(الكافي ٨: ٣١٠/ ح ٤٨٣).
٢ _ عن محمّد بن مسلم، قال: دخلت علىٰ أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما السلام وأنا أُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلَّىٰ الله عليه وعليهم، فقال لي مبتدئاً: (... وإنَّ من علامات خروجه: خروج السفياني من الشام، وخروج اليماني من اليمن، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادٍ ينادي من السماء باسمه واسم أبيه)(كمال الدين: ٣٢٧ و٣٢٨/ باب ٣٢/ ح ٧).
 فها أنت تلاحظ هذه الأحاديث الشريفة تُصرِّح بأنَّ هذه العلامات تكون قبيل ظهور الإمام المهدي قائم آل محمّد عليه السلام، أمَّا أنَّ اليماني يكون علامةً للإمام فيظهر ثمّ يُقتَل والناس لا يعرفون ذلك أو يعرفه البعض ويشكُّ فيه البعض الآخر، فهذا يخالفُ أن تكون العلامةُ علامة، ويخالف أن يضعها أهل البيت عليهم السلام دلالةً للناس علىٰ معرفة الإمام عليه السلام، بل إنَّ محمّد بن الصامت يسأل وبوضوحٍ أبا عبد الله الصادق عليه السلام فيقول له: ما من علامة بين يدي هذا الأمر؟ فقال عليه السلام: (بلىٰ)، قلت: وما هي؟ قال: (هلاك العبّاسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكيَّة، والخسف بالبيداء، والصوت من السماء)، فقلت: جُعلت فداك، أخاف أن يطول هذا الأمر. فقال عليه السلام: (لا، إنَّما هو كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً) (الغيبة للنعماني: ٢٦٩ و٢٧٠/ باب ١٤/ ح ٢١)، فأيَّة دلالةٍ أوضح من كلام الإمام عليه السلام؟ وأيُّ تصريحٍ يُطلَب بعد هذا البيان؟ فهو عليه السلام يُصرِّح للسائل عن ظهور الإمام عليه السلام بأنَّ هذه العلامات واحدة تتبع الأُخرىٰ ولا تطول، بل هي أشبه بالخرز التي تعقب إحداها الأُخرىٰ وبسرعة كبيرة، فلا يكون بين بعضها والبعض الآخر فاصلٌ كبير.
 بل إنَّ الإمام الباقر عليه السلام يُصرِّح بأكثر من ذلك إذ يروي النعماني في (الغيبة) بسنده عن أبي بصير، عنه عليه السلام: (خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يومٍ واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً) (الغيبة للنعماني: ٢٦٤/ باب ١٤/ ح ١٣).
 فكيف يأتي بعد ذلك من يدَّعي أنَّ اليماني يظهر قبل الإمام عليه السلام، ثمّ يُقتَل وتُبلىٰ عظامه، ثمّ بعد ذلك يخرج الإمام عليه السلام؟ أهكذا تكون العلامة؟ أم هكذا يُفهَم كلام أهل البيت عليهم السلام؟
 فإذا كان السفياني من المحتوم، وأنَّه لا بد منه، ولا قائم إلَّا بسفياني، ولا ظهور قبل ظهور السفياني، ثمّ يأتي الإمام الصادق عليه السلام ليقول لنا: (اليماني والسفياني كفرسي رهان) (الغيبة للنعماني: ٣١٧/ باب ١٨/ ح ١٥)، فهل يُعقَل أن نُصدِّق شخصاً يقول: إنَّ اليماني قُتِلَ وسيرجع عند ظهور الإمام عليه السلام لتُسدِّد روحه أصحاب الإمام عليه السلام؟ فإذا كانت العلامة هكذا فلِمَ لم يُنبِّه أهل البيت عليهم السلام أنَّ المقصود باليماني هو رجوع روحه لتُسدِّد أنصار الإمام عليه السلام؟ ولِمَ كانت روحه هي التي تُسدِّد؟ لِمَ لم تكن روح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو روح أمير المؤمنين عليه السلام؟ لِمَ لا يكون نفسه من أنصار الإمام عليه السلام؟ فهل هناك قحطٌ في الرجال؟
 حقَّاً أنَّها فتنة إذا جاءت وزوقت بألفاظ، ظاهرها أنيق وباطنها ضلال عميق، حرفت الناس عن مسارهم وأهلكت من لم يكن له بصيرةٌ بحيل هؤلاء وأفعالهم.
*     *     *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رقعة لقضاء الحاجة

دعاؤه عليه السلام في الصلوات على النبي وآله (عليهم السلام) .

دعاؤه عليه السلام في الشدائد والمهمات المسمى بدعاء العلوي المصري.