دعاء صاحب الأمر (عليه السلام)

دعاؤه (عليه السلام) في المهمات، المسمى بدعاء العبرات
.
اللهم انى أسألك يا راحم العبرات، ويا كاشف
الكربات، ويا كاشف الزفرات، أنت الذي تقشع سحائب
المحن وقد أمست ثقالا، وتجلو ضباب الفتن وقد سحبت
أذيالا، وتجعل ذرعها هشيما، وبنيانها هديما، وعظامها
رميما، وترد المغلوب غالبا، والمطلوب طالبا، والمقهور
قاهرا، والمقدور عليه قادرا.
فكم يا إلهي من عبد ناداك: رب انى مغلوب فانتصر،
ففتحت من نصرك له أبواب السماء بماء منهمر، وفجرت له
من عونك عيونا، فالتقى الماء على امر قد قدر، وحملته من
كفايتك على ذات ألواح ودسر.
يامن إذا ولج العبد في ليل من حيرته بهيم، ولم يجد
له صريخا يصرخه من ولى حميم، وجد من معونتك
صريخا مغيثا، ووليا يطلبه حثيثا، ينجيه من ضيق امره
وحرجه، ويظهر له اعلام فرجه.
اللهم فيا من قدرته قاهرة، ونقماته قاصمة لكل
جبار، دامغة لكل كفور ختار، أسألك نظرة من نظراتك
رحيمة تجلى بها عنى ظلمة عاكفة مقيمة، من عاهة جفت
منها الضروع، وتلفت منها الزروع، وانهلت من اجلها
الدموع، واشتمل لها على القلوب اليأس، وجرت بسببها
الأنفاس.
إلهي فحفظا حفظا لغرائز غرسها وشربها بيد الرحمان،
ونجاتها بدخول الجنان، ان تكون بيد الشيطان تحز،
وبفأسه تقطع وتجز.
إلهي فمن أولى منك بأن يكون عن حريمك دافعا،
ومن أجدر منك بان يكون عن حماك مانعا.
إلهي ان الامر قد هال فهونه، وخشن فألنه، وان
القلوب كاعت فطمنها، والنفوس ارتاعت فسكنها.
إلهي إلهي تدارك اقداما زلت، وأفهاما في مهامة
الحيرة ضلت، ان رأت جبرك على كسيرها، وإطلاقك
لأسيرها، وإجارتك لمستجيرها، أجحف الضر بالمضرور، و
ولبى داعيه بالويل والثبور.
فهل تدعه يا مولاي فريسة البلاء وهو لك راج، أم
هل يخوض لجة الغماء وهو إليك لاج.
مولاي ان كنت لا أشق على نفسي في التقى، ولا أبلغ
في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا، ولا انتظم في سلك قوم
رفضوا الدنيا.
فهم خمص البطون من الطوى، ذبل الشفاه من الظما،
عمش العيون من البكاء، بل اتيتك بضعف من العمل، وظهر
ثقيل بالخطايا والزلل، ونفس للراحة معتادة، ولدواعي
الشر منقادة.
أفما يكفيني يا رب وسيلة إليك، وذريعة لديك، انني
لأولياء دينك موال، وفي محبتهم مغال، ولجلباب البلاء
فيهم لابس، ولكتاب تحمل العناء بهم دارس.
اما يكفيني ان أروح فيهم مظلوما، وأغدو مكظوما،
واقضى بعد هموم هموما، وبعد وجوم وجوما.
اما عندك يا مولاي بهذه حرمة لا تضيع، وذمة
بأدناها يقتنع، فلم لا تمنعني يا رب وها انا ذا غريق،
وتدعني هكذا وانا بنار عدوك حريق.
مولاي أتجعل لأوليائك لأعدائك طرائد، ولمكرهم
مصائد، وتقلدهم من خسفهم قلائد، وأنت مالك نفوسهم
لو قبضتها جمدوا، وفي قبضتك مواد أنفاسهم لو قطعتها
خمدوا.
فما يمنعك يا رب ان تكشف بأسهم، وتنزع عنهم في
حفظك لباسهم، وتعريهم من سلامة بها في أرضك
يسرحون، وفي ميدان البغى على عبادك يمرحون.
إلهي أدركني ولما يدركني الغرق، وتداركني ولما
غيب شمسي الشفق.
إلهي كم من خائف التجأ إلى سلطان فآب عنه محفوفا
بأمن وأمان، أفأقصد أعظم من سلطانك سلطانا، أم أوسع
من احسانك احسانا، أم أكثر من اقتدارك اقتدارا، أم أكرم
من انتصارك انتصارا.
ما عذرى يا إلهي إذا حرمت من حسن الكفاية
سائلك، أنت الذي لا يخيب املك، ولا يرد سائلك.
إلهي إلهي اين رحمتك التي هي نصرة المستضعفين
من الأنام، وأين اين كفايتك التي هي جنة المستهدفين
لجور الأيام، إلى إلى بها يا رب نجني من القوم الظالمين،
انى مسني الضر، وأنت ارحم الراحمين.
مولاي ترى تحيري في امرى، وانطواي على حرقة
قلبي وحرارة صدري، فجد لي يا رب بما أنت أهله فرجا
ومخرجا، ويسر لي نحو اليسر منهجا.
واجعل من ينصب الحبالة لي ليصرعني بها صريعا
فيما مكر، ومن يحفر لي البئر ليوقعني فيما حفر، واصرف
عنى من شره ومكره، وفساده وضره ما تصرفه عن القوم
المتقين.
إلهي عبدك عبدك، أجب دعوته، وضعيفك ضعيفك
فرج غمته، فقد انقطع به كل حبل الا حبلك، وتقلص عنه
كل ظل الا ظلك.
مولاي دعوتي هذه ان رددتها اين تصادف موضع
الإجابة، ومخيلتي هذه ان كذبتها اين تلاقى موضع
الإصابة، فلا ترد عن بابك من لا يعرف غيره بابا، ولا تمنع
دون جنابك من لا يعرف سواه جنابا.
إلهي ان وجها إليك برغبته توجه، فالراغب خليق بان
لا يخيبه، وان جبينا لديك بابتهاله سجد، حقيق ان يبلغ
المبتهل ما قصد، وان خدا عندك بمسألته تعفر جدير ان
يفوز السائل بمراده ويظفر.
هذا يا إلهي تعفير خدي وابتهالي في مسألتك
وجدي، فلق رغباتي برحمتك قبولا، وسهل إلى طلباتي
برأفتك وصولا، وذلل لي قطوف ثمرة اجابتك تذليلا.
إلهي وإذا قام ذو حاجة في حاجته شفيعا، فوجدته
ممتنع النجاح، سهل القياد مطيعا، فانى استشفع إليك
بكرامتك، والصفوة من أنبيائك، الذين بهم أنشأت ما يقل
ويظل، ونزلت ما يدق ويجل.
أتقرب إليك بأول من توجته تاج الجلالة، وأحللته
من الفطرة محل السلالة، حجتك في خلقك، وأمينك على
عبادك، محمد رسولك، وبمن جعلته لنوره مغربا وعن
مكنون سره معربا: سيد الأوصياء، وامام الأتقياء، يعسوب
الدين، وقائد الغر المحجلين، أبى الأئمة الراشدين، على
أمير المؤمنين.
وأتقرب إليك بخيرة الأخيار، وأم الأنوار، والإنسية
الحوراء، البتول العذراء، فاطمة الزهراء، وبقرتي عين
الرسول، وثمرتي فؤاد البتول، السيدين الامامين: أبى
محمد الحسن وأبى عبد الله الحسين.
وبالسجاد زين العباد، ذي الثفنات، راهب العرب،
على بن الحسين، وبالامام العالم، والسيد الحاكم، النجم
الزاهر، والقمر الباهر، مولاي محمد بن على الباقر.
وبالامام الصادق، مبين المشكلات، مظهر الحقائق،
المفحم بحجته كل ناطق، مخرس السنة أهل الجدال،
مسكن الشقاشق، مولاي جعفر بن محمد الصادق.
وبالامام التقى، والمخلص الصفي، والنور الأحمدي،
والنور الأنور، والضياء الأزهر، مولاي موسى بن جعفر،
وبالامام المرتضى، والسيف المنتضى مولاي على بن
موسى الرضا.
وبالامام الأمجد، والباب الأقصد، والطريق الأرشد،
والعالم المؤيد، ينبوع الحكم، ومصباح الظلم، سيد العرب
والعجم، الهادي إلى الرشاد، والموفق بالتأييد والسداد،
مولانا محمد بن على الجواد.
وبالامام منحة الجبار، ووالد الأئمة الأطهار، على
بن محمد، المولود بالعسكر، الذي حذر بمواعظه وأنذر،
وبالامام المنزه عن المآثم، المطهر من المظالم، الحبر
العالم، بدر الظلام، وربيع الأنام، التقى النقى، الطاهر
الزكي مولاي ابا محمد الحسن بن على العسكري.
وأتقرب إليك بالحفيظ العليم، الذي جعلته على
خزائن الأرض، والأب الرحيم، الذي ملكته أزمة البسط
والقبض، صاحب النقيبة الميمونة، وقاصف الشجرة
الملعونة.
مكلم الناس في المهد، والدال على منهاج الرشد،
الغائب عن الابصار، الحاضر في الأمصار، الغائب عن
العيون، الحاضر في الأفكار، بقية الأخيار، الوارث
لذي الفقار، الذي يظهر في بيت الله ذي الاستار، العالم
المطهر الحجة بن الحسن عليهم أفضل التحيات، وأعظم
البركات، وأتم الصلوات.
اللهم فهؤلاء معاقلي إليك في طلباتي ووسائلي،
فصل عليهم صلاة لا يعرف سواك مقاديرها، ولا يبلغ كثير
الخلائق صغيرها، وكن لي بهم عند أحسن ظني، وحقق لي
بمقاديرك بهية التمني.
إلهي لا ركن لي أشد منك فآوى إلى ركن شديد، ولا
قول لي أسد من دعائك فأستظهرك بقول سديد، ولا شفيع
لي إليك أوجه من هؤلاء فأتيك بشفيع وديد.
فهل بقي يا رب غير ان تجيب وترحم منى البكاء
والنحيب، يا من لا اله سواه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه.
يا راحم عبرة يعقوب، يا كاشف ضر أيوب، اغفر لي
وارحمني وانصرني على القوم الكافرين، وافتح لي فتحا
وأنت خير الفاتحين، يا ذا القوة المتين، يا ارحم الراحمين.
*     *     *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رقعة لقضاء الحاجة

دعاؤه عليه السلام في الصلوات على النبي وآله (عليهم السلام) .

دعاؤه عليه السلام في الشدائد والمهمات المسمى بدعاء العلوي المصري.