الإعداد الروحي لعصر الظهور .

المعلم الثالث: (العبودية):
قال الله تعالى: (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا). (مريم: ٣٠)
هذا المَعْلم هو تأكيد أهل البيت عليهم السلام على العبودية، حثّ الناس على توفير صفة العبودية والشعور بالحاجة والذل بين يدي الله تبارك وتعالى. الآية الكريمة التي قدّمنا بها الحديث توضح الأسلوب الذي عرّف به عيسى عليه السلام نفسه أمام الناس، وتعلمون أن الإنسان في أوّل لقاء يحاول أن يعرّف نفسه بتعريف حقيقي بالغ في النفوس، النبي عيسى عليه السلام في أوّل لقائه مع الناس قال: (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) وأوّل كلمة عرّف نفسه بها هي أنه (عَبْدُ اللَّهِ).
إذاً العبودية لله، كما يعتبرها الأنبياء والصالحون حجر الزاوية في شخصية الإنسان المؤمن المرتبط بالله تبارك وتعالى، لذلك نجد أهل البيت عليهم السلام في تصرفاتهم وفي أعمالهم شديدي التواضع لله، اقرأوا أدعيتهم كدعاء أبي حمزة، ودعاء السحر، ودعاء الافتتاح وغيره، تجدون في هذه الأدعية روح التواضع، حينما يأتي جماعة ويسلّمون على أمير المؤمنين عليه السلام ويعظمونه جداً إلى درجة تقترب من الغلو. الرواية تقول: أن أمير المؤمنين عليه السلام يفزع وينزل عن دابته ويعفّر خدّيه في التراب ويقول إنما أنا عبد من عبيد الله، [(أنظر: دعائم الإسلام/ القاضي النعمان المغربي ٤٨:١؛ شرح نهج البلاغه/ ابن أبي الحديد ٦:٥)] لم يقل أنا عبد متميز، بل يذلّل نفسه إلى هذه الدرجة، يقول: أنا واحد من هؤلاء العبيد، وهكذا بقية الأئمّة الأطهار، حينما يبتلى الإمام الصادق عليه السلام ببعض الغلاة الذين يدّعون عليهم باطلاً، الإمام عليه السلام يلعنه يقول: (... ها أنا بين أظهركم لحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أبيت على فراشي خائفاً وجلاً مرعوباً، يأمنون وأفزع...، أبرأ إلى الله مما قال فيّ... أبو الخطاب لعنه الله...). [(أختيار معرفه الرجال/ الطوسي ٤٩٢:٢)]
إذاً أسلوب أهل البيت عليهم السلام هو التركيز على العبودية، وقد مارسوا ذلك في حياتهم، في تصرفاتهم، في أقوالهم، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجلس جلسة العبد (كما في الروايات) [قال أمير المؤمنين عليه السلام: (ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه...). أنظر: نهج البلاغه ٥٩:٢/ ح١٦٠] ويأكل مع الفقراء، وإذا دُعي إلى طعام الفقراء استجاب، كل ذلك تواضعاً منه لله تبارك وتعالى، حينما يُتعب نفسه بالعبادة يأتيه جبرائيل يقول له: (طه * ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) (طه: ١و٢) يقول له: (أفلا أكون عبداً شكوراً). (الكافي/ الكليني ٩٥:٢/ ح ٦ (باب الشكر)؛ أمالي/ الطوسي: ٦٣٧؛ الأحتجاج/ الطبرسي ٣٢٦:١]
صحيح أن الله ضمن لي الجنّة والدرجة والمنزلة ولكني اُحب أن أكون عبداً شكوراً.
*     *     *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رقعة لقضاء الحاجة

دعاؤه عليه السلام في الصلوات على النبي وآله (عليهم السلام) .

دعاؤه عليه السلام في الشدائد والمهمات المسمى بدعاء العلوي المصري.