١- ذكر الأدلّة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة

ذكر الأدلّة التي ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله على إثبات الغيبة
.
قال رحمه الله: اعلم أنَّ لنا في الكلام في غيبة صاحب الزمان عليه السلام طريقين:
أحدهما: أن نقول: إذا ثبت وجوب الإمامة في كل حال وأنَّ الخلق مع كونهم غير معصومين لا يجوز أن يخلو من رئيس في وقت من الأوقات وأنَّ من شرط الرئيس أن يكون مقطوعاً على عصمته فلا يخلو ذلك الرئيس من أن يكون ظاهراً معلوماً أو غائباً مستوراً فإذا علمنا أنَّ كلّ من يدّعى له الإمامة ظاهراً ليس بمقطوع على عصمته بل ظاهر أفعالهم وأحوالهم ينافي العصمة ممن هو غائب من الكيسانية والناووسية والفطحية والواقفة وغيرهم قولهم باطل علمنا بذلك صحّة إمامة ابن الحسن وصحّة غيبته وولايته ولا نحتاج إلى تكلُّف الكلام في إثبات ولادته وسبب غيبته مع ثبوت ما ذكرناه ولأنَّ الحقّ لا يجوز خروجه عن الأمّة.
والطريق الثاني: أن نقول: الكلام في غيبة ابن الحسن فرع على ثبوت إمامته والمخالف لنا إمَّا أن يسلّم لنا إمامته ويسأل عن سبب غيبته فنكلّف [في المصدر: (فنتكلَّف)] جوابه، أو (لا)  يسلم لنا إمامته فلا معنى لسؤاله عن غيبة من لم يثبت إمامته، ومتى نوزعنا في ثبوت إمامته دللنا عليها بأن نقول: قد ثبت وجوب الإمامة مع بقاء التكليف على من ليس بمعصوم في جميع الأحوال والأعصار بالأدلّة القاهرة وثبت أيضاً أنَّ من شرط الإمام أن يكون مقطوعاً على عصمته وعلمنا أيضاً أنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة.
فإذا ثبت ذلك وجدنا الأمّة بين أقوال بين قائل يقول: لا إمام فما ثبت من وجوب الإمامة في كلّ حال يفسد قوله، وقائل يقول بإمامة من ليس بمقطوع على عصمته فقوله يبطل بما دللنا عليه من وجوب القطع على عصمة الإمام، ومن ادّعى العصمة لبعض من يذهب إلى إمامته فالشاهد يشهد بخلاف قوله لأنَّ أفعالهم الظاهرة وأحوالهم تنافي العصمة، فلا وجه لتكلّف القول فيما نعلم ضرورة خلافه، ومن ادّعيت له العصمة، وذهب قوم إلى إمامته كالكيسانية القائلين بإمامة محمّد بن الحنفية والناووسية القائلين بإمامة جعفر بن محمّد وأنَّه لم يمت والواقفة الذين قالوا: إنَّ موسى بن جعفر لم يمت فقولهم باطل من وجوه سنذكرها.
فصار الطريقان محتاجين إلى فساد قول هذه الفِرَق ليتمّ ما قصدناه ويفتقران إلى إثبات الأصول الثلاثة التي ذكرناها من وجوب الرئاسة، ووجوب القطع على العصمة، وأنَّ الحقّ لا يخرج عن الأمّة. ونحن ندلُّ على كلّ واحد من هذه الأقوال بموجز من القول لأنَّ استيفاء ذلك موجود في كتبي في الإمامة على وجه لا مزيد عليه والغرض بهذا الكتاب ما يختصّ الغيبة دون غيرها والله الموفق لذلك بمنّه.
والذي يدلُّ على وجوب الرئاسة ما ثبت من كونها لطفاً في الواجبات العقلية فصارت واجبة كالمعرفة التي لا يعرى مكلّف من وجوبها عليه ألا ترى أنَّ من المعلوم أنَّ من ليس بمعصوم من الخلق متى خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند ويؤدّب الجاني ويأخذ على يد المتقلّب [في المصدر: (المتغلّب)] ويمنع القوي من الضعيف وأمنوا ذلك، وقع الفساد وانتشر الحيل، وكثر الفساد، وقلَّ الصلاح، ومتى كان لهم رئيس هذه صفته كان الأمر بالعكس من ذلك، من شمول الصلاح وكثرته، وقلّة الفساد ونزارته والعلم بذلك ضروري لا يخفى على العقلاء فمن دفعه لا يحسن مكالمته وأجبنا عن كل ما يسأل على ذلك مستوفى في تلخيص الشافي وشرح الجمل لا نطول بذكره ههنا.
*     *     *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رقعة لقضاء الحاجة

دعاؤه عليه السلام في الصلوات على النبي وآله (عليهم السلام) .

دعاؤه عليه السلام في الشدائد والمهمات المسمى بدعاء العلوي المصري.