اولا: الانقطاع ومعنى الغيبة 
ولا يظنّن ظانّ أنّ معنى هذه العقيدة الضرورية عند الطائفة الإمامية من انقطاع الاتصال الرسمي المعتبر بالحجة عليه السلام يعني جمود الحجة بن الحسن عليه السلام عن مهامه ودوره في قيادة البشرية ومواصلة مهامه الرسالية، وأنه عليه السلام ناءٍ في أقاصي البلاد لا يتصدى للأمور تاركاً الحبل على الغارب بينما يعبث بالأمر قوى الطغيان البشري، بل لو ترك التصدي للأمور يوماً واحداً لساخت الأرض فساداً بأهلها، ولوقعت الحروب والبلايا في الأصعدة المختلفة على البشرية، كما قال عليه السلام في
التوقيع الشريف: (فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم.. إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء، واصطلمكم الأعداء) (الأحتجاج ٥٩٦:٢) ، بل هو عليه السلام يدبّر ويدير أمور البشرية جميعاً عبر أساليب خفية وأدوات غيبية منتظمة تحت الستار، لكن المقرر لتلك الإدارة أن لا تظهر إلى السطح والعلن في عصر الغيبة قبل ظهوره عليه السلام، وأيّ مدّع في العلن والعلانية يدّعي الاتصال به والارتباط معه عليه السلام، فهو دجل وألاعيب واحتيال للتغرير بالسذّج من الناس، فالغيبة والانقطاع لا تعني انعدام حضوره عليه السلام، في الساحة الاجتماعية والسياسية البشرية، بل تعني انقطاع الاتصال من طرفنا ومن قبلنا باتجاهه عليه السلام لا انقطاعه هو عليه السلام عن التصرف في أمورنا وأمور البشرية وفي المجتمعات المختلفة، كما قال تعالى: ((إِنِّي جاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَةً))، (البقره: ٣٠) أي يحول أمام الفساد في الأرض وسفك الدماء.

ثانيا: عقيدة الانتظار 
لا ريب أن عقيدة انقطاع النيابة والسفارة في الغيبة الكبرى لا تعني الانقطاع القلبي والمعنوي عنه عليه السلام، بل اللازم على المؤمن دوام قراءة الزيارات المختلفة الواردة في الروايات التي يزار بها هو عليه السلام، والإكثار من الدعاء بالفرج، والقيام بالوظائف الشرعية في فضاء وجو الاعتقاد بإمامة المهدي عليه السلام، والتولي له، والتبرؤ من خصومه ومناوئيه ومنكريه، ومعايشة هذا الاعتقاد والأمل بظهوره الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وأنه عليه السلام ولي الأمر كله، وبقية الله التي يقيم تعالى بها الحجة والهداية.
ولأجل ذلك فإن عقيدة الطائفة الإمامية في صلاحية المرجعية للفقهاء، هي كونها نيابية عنه عليه السلام نيابة لا بالخصوص، يستمد منها المجتهد والفقيه الأحكام من الكتاب وسُنّة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام عبر الروايات والأحاديث المروية عنهم عليهم السلام، كما يستمد بعض الصلاحيات للتصدي لبعض الأمور من المأذونية من قبله عليه السلام في التوقيع الشريف: (أما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) (غيبه الطوسي: ٢٩٠/ ح٢٤٧) .
                                 *  *  *

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رقعة لقضاء الحاجة

دعاؤه عليه السلام في الصلوات على النبي وآله (عليهم السلام) .

دعاؤه عليه السلام في الشدائد والمهمات المسمى بدعاء العلوي المصري.