في ذكر إثني عشر حديثا في غيبة الإمام المهدي عليه السلام
ما ورد من الحديث في المهدي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
.
المشهور من الحديث السُنّي:
1-ما جاء من ذلك في صحيح البخاري *[(صحيح البخاري 68:4و69)] :
باب ما يحذر من الغدر، وقوله تعالى: ((وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ...)) *[(الأنفال: 62)].
حدّثنا الحميدي، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، قال: سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس، قال: سمعت عوف بن مالك، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في غزوة تبوك، وهو في قبة من أدم، فقال: (أعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثمّ فتح بيت المقدس، ثمّ موتان يأخذ فيكم كقُعَاص الغنم *[(القعاص: داء يأخذ الغنم لا يلبثها أن تموت.(لسان العرب: قعص))] ، ثمّ استفاضة المال حتّى يعطى الرجل مئة دينار فيظل ساخطاً، ثمّ فتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته، ثمّ هدنة تكون بينكم وبين بنى الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية إثنا عشر ألفاً). انتهى ما جاء في البخاري.
وشرحه ابن حجر في فتح الباري فقال *[(فتح الباري/ ابن حجر200-198:6)] :
(قوله: غاية) أي راية، وسميت بذلك لأنها غاية المتبع، إذا وقفت وقف. ووقع في حديث ذي مخبر بكسر الميم، وسكون المعجمة، وفتح الموحدة، عند أبي داود، في نحو هذا الحديث، بلفظ راية بدل غاية، وفي أوّله: ستصالحون الروم صلحاً أمناً، ثمّ تغزون أنتم، وهم عَدْواً، فتنصرون، ثمّ تنزلون مرجاً، فيرفع رجل من أهل الصليب الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدفعه، فعند ذلك تغدر الروم، ويجتمعون للملحمة، فيأتون، فذكره.
ولابن ماجة، من حديث أبي هريرة، مرفوعاً: إذا وقعت الملاحم، بعث الله بعثاً من الموالي يؤيد الله بهم الدين، وله من حديث معاذ بن جبل، مرفوعاً: الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر. وله من حديث عبد الله بن بسر، رفعه: بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج الدجال في السابعة، وإسناده أصح من إسناد حديث معاذ. قال ابن الجوزي، رواه بعضهم: غابة، بموحدة، بدل التحتانية، والغابة الأجمة، كأنه شبَّه كثرة الرماح بالأجمة، وقال الخطابي: الغابة الغيضة، فاستعيرت للرايات، ترفع لرؤساء الجيش لما يشرع معها من الرماح، وجملة العدد المشار إليه تسعمائة ألف وستون ألفاً، ولعلَّ أصله ألف ألف فألغيت كسوره، ووقع مثله في رواية ابن ماجة من حديث ذي مخبر، ولفظه: فيجتمعون للملحمة فيأتون تحت ثمانين غابة تحت كل غابة اثنا عشر ألفاً، ووقع عند الإسماعيلي من وجه آخر، عن الوليد بن مسلم، قال: تذاكرنا هذا الحديث، وشيخاً من شيوخ المدينة، فقال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أنه كان يقول في هذا الحديث: مكان فتح بيت المقدس عمران بيت المقدس، قال المهلب فيه: إن الغدر من أشراط الساعة، وفيه أشياء من علامات النبوة قد ظهر أكثرها، وقال ابن المنير: أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد، فهي من الأمور التي لم تقع بعد، وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دلَّ على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه، ووقع في رواية للحاكم من طريق الشعبي، عن عوف بن مالك، في هذا الحديث: أن عوف بن مالك، قال لمعاذ في طاعون عمواس: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي: اعدد ستاً بين يدي الساعة، فقد وقع منهن ثلاث، يعني موته صلى الله عليه وآله وسلم، وفتح بيت المقدس، والطاعون، قال: وبقي ثلاث فقال له معاذ: إن لهذا أهلاً. ووقع في الفتن، لنعيم بن حماد، أن هذه القصة تكون في زمن المهدي، على يد ملك من آل هرقل.
وشرحه العيني في عمدة القاري، فقال *[(عمده القاري/عيني 99:15و100/ح6713)] :
قوله: (غاية)، بالغين المعجمة، وبالياء، آخر الحروف: الراية، وقال ابن الجوزي: رواه بعضهم بالباء الموحدة، وهي الأجمة، وشبَّه كثرة الرماح للعسكر بها، فاستعيرت له، يعني: يأتون قريباً من ألف ألف رجل، قاله الكرماني، وقال غيره: الجملة في الحساب تسعمائة ألف وستون ألفاً، وقال الخطابي: الغاية الغيضة، فاستعيرت للرايات ترفع لرؤساء الجيش. وقال الجواليقي: غاية وراية واحد؛ لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف وإذا مشت تبعها، وهذه الست المذكورة ظهرت منها الخمس: موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفتح بيت المقدس، والموتان كان في طاعون عمواس زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مات فيه سبعون ألفاً في ثلاثة أيام، واستفاضة المال كانت في خلافة عثمان رضي الله عنه عند تلك الفتوح العظيمة، والفتنة استمرت بعده، والسادسة لم تجئ بعد، وروى ابن دحية، من حديث حذيفة، مرفوعاً: أن الله تعالى يرسل ملك الروم، وهو الخامس من أولاد هرقل، يقال له: صمارة، فيرغب إلى المهدي في الصلح، وذلك لظهور المسلمين على المشركين، فيصالحه إلى سبعة أعوام، فيضع عليهم ((الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)) *[(التوبة: 29)] . ولا يبقى لرومي حرمة، ويكسر لهم الصليب، ثمّ يرجع المسلمون إلى دمشق، فإذا هم كذلك، إذا رجل من الروم قد التفت، فرأى أبناء الروم وبناتهم في القيود، فرفع الصليب، ورفع صوته، وقال: ألا من كان يعبد الصليب فلينصره، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيكسر الصليب، ويقول: الله أغلب وأعز، فحينئذٍ يغدرون، وهم أولى بالغدر، فيجتمع عند ذلك ملوك الروم خفية، فيأتون إلى بلاد المسلمين وهم على غفلة، مقيمين على الصلح، فيأتون إلى أنطاكية في اثني عشر ألف راية، تحت كل راية اثني عشر ألفاً، فعند ذلك يبعث المهدي إلى أهل الشام، والحجاز، والكوفة، والبصرة، والعراق، يستنصر بهم، فيبعث إليه أهل الشرق: أنه قد جاءنا عدو من أهل خراسان، شغلنا عنك. فيأتي إليه بعض أهل الكوفة، والبصرة، فيخرج بهم إلى دمشق، وقد مكث الروم فيها أربعين يوماً يفسدون ويقتلون، فينزل الله صبره على المسلمين فيخرجون إليهم، فيشتد الحرب بينهم، ويستشهد من المسلمين خلق كثير، فيا لها من وقعة ومقتلة ما أعظمها وأعظم هولها، ويرتد من العرب يومئذٍ أربع قبائل: سليم، وفهد، وغسان، وطي، فيلحقون بالروم، ثمّ إن الله ينزل الصبر والنصر والظفر على المؤمنين، ويغضب على الكافرين، فعصابة المسلمين يومئذٍ خير خلق الله تعالى، والمخلصين من عباده، وليس فيهم مارد ولا مارق ولا شارد ولا مرتاب ولا منافق، ثمّ إن المسلمين يدخلون إلى بلاد الروم، ويكبرون على المدائن والحصون فتقع أسوارها بقدرة الله تعالى، فيدخلون المدائن والحصون، ويغنمون الأموال ويسبون النساء والأطفال، وتكون أيام المهدي أربعين سنة: عشر منها بالمغرب، واثني عشر سنة بالمدينة، واثني عشر سنة بالكوفة، وستة بمكّة، وتكون مَنيّته فجاءة.
2-وفيه، وفي صحيح مسلم النيسابوري ـ أيضاً ـ *[(صحيح البخاري143:4؛ صحيح مسلم94:1؛ وهو أيضا في مسند أحمد 336:2؛ وعون المعبود 309:11؛ وصحيح ابن حبان 213:15؛ ومعجم الأوسط للطبراني 86:9؛ والجامع الصغير للسيوطي299:2/ ح6440؛ وكنز العمال334:14/ ح38845)] :
حدّثنا ابن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم).
3-ما جاء من ذلك في مسند أحمد بن حنبل *[(مسند أحمد 84:1)] :
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا فضل بن دكين، ثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفية، عن أبيه، عن عليّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة).
وفيه *[(مسند احمد 21:3و22)] :
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت زيداً أبا الحواري، قال: سمعت أبا الصديق، يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يكون بعد فينا حدث، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (يخرج المهدي في أمّتي، خمساً، أو سبعاً، أو تسعاً) ـ زيد الشكّ ـ قال: قلت: أي شيء؟ قال: (سنين)، ثمّ قال: (يرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدخر الأرض من نباتها شيئاً، ويكون المال كدوساً)، قال: (يجيء الرجل إليه، فيقول: يا مهدي أعطني أعطني). قال: (فيحثى له في ثوبه، ما استطاع أن يحمل).
وفيه *[(مسند أحمد 277:5)] :
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، عن شريك، عن عليّ بن زيد، عن أبي قلابة، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها، فإنّ فيها خليفة الله المهدي).
4-ما جاء من ذلك في باب خروج المهدي، في سنن ابن ماجة، محمّد بن يزيد القزويني *[(سنن ابن ماجه1366:2/ باب خروج المهدي)] :
حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا عليّ بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أغرورقت عيناه وتغيّر لونه. قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: (إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا. وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً. حتّى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم، ولو حبواً على الثلج) *[(سنن ابن ماجه1366:2/ باب خروج المهدي/ ح4082. وعلق عليه فقال: (في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن ابي زياد الكوفي. لكن لم ينفرد يزيد بن ابي زياد عن إبراهيم. فقد رواه الحاكم في المستدرك، من طريق عمر بن قيس، عن الحاكم، عن إبراهيم )] . . .
.
المشهور من الحديث السُنّي:
1-ما جاء من ذلك في صحيح البخاري *[(صحيح البخاري 68:4و69)] :
باب ما يحذر من الغدر، وقوله تعالى: ((وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ...)) *[(الأنفال: 62)].
حدّثنا الحميدي، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، قال: سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس، قال: سمعت عوف بن مالك، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في غزوة تبوك، وهو في قبة من أدم، فقال: (أعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثمّ فتح بيت المقدس، ثمّ موتان يأخذ فيكم كقُعَاص الغنم *[(القعاص: داء يأخذ الغنم لا يلبثها أن تموت.(لسان العرب: قعص))] ، ثمّ استفاضة المال حتّى يعطى الرجل مئة دينار فيظل ساخطاً، ثمّ فتنة لا يبقى بيت من العرب إلاّ دخلته، ثمّ هدنة تكون بينكم وبين بنى الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية إثنا عشر ألفاً). انتهى ما جاء في البخاري.
وشرحه ابن حجر في فتح الباري فقال *[(فتح الباري/ ابن حجر200-198:6)] :
(قوله: غاية) أي راية، وسميت بذلك لأنها غاية المتبع، إذا وقفت وقف. ووقع في حديث ذي مخبر بكسر الميم، وسكون المعجمة، وفتح الموحدة، عند أبي داود، في نحو هذا الحديث، بلفظ راية بدل غاية، وفي أوّله: ستصالحون الروم صلحاً أمناً، ثمّ تغزون أنتم، وهم عَدْواً، فتنصرون، ثمّ تنزلون مرجاً، فيرفع رجل من أهل الصليب الصليب فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدفعه، فعند ذلك تغدر الروم، ويجتمعون للملحمة، فيأتون، فذكره.
ولابن ماجة، من حديث أبي هريرة، مرفوعاً: إذا وقعت الملاحم، بعث الله بعثاً من الموالي يؤيد الله بهم الدين، وله من حديث معاذ بن جبل، مرفوعاً: الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال في سبعة أشهر. وله من حديث عبد الله بن بسر، رفعه: بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج الدجال في السابعة، وإسناده أصح من إسناد حديث معاذ. قال ابن الجوزي، رواه بعضهم: غابة، بموحدة، بدل التحتانية، والغابة الأجمة، كأنه شبَّه كثرة الرماح بالأجمة، وقال الخطابي: الغابة الغيضة، فاستعيرت للرايات، ترفع لرؤساء الجيش لما يشرع معها من الرماح، وجملة العدد المشار إليه تسعمائة ألف وستون ألفاً، ولعلَّ أصله ألف ألف فألغيت كسوره، ووقع مثله في رواية ابن ماجة من حديث ذي مخبر، ولفظه: فيجتمعون للملحمة فيأتون تحت ثمانين غابة تحت كل غابة اثنا عشر ألفاً، ووقع عند الإسماعيلي من وجه آخر، عن الوليد بن مسلم، قال: تذاكرنا هذا الحديث، وشيخاً من شيوخ المدينة، فقال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أنه كان يقول في هذا الحديث: مكان فتح بيت المقدس عمران بيت المقدس، قال المهلب فيه: إن الغدر من أشراط الساعة، وفيه أشياء من علامات النبوة قد ظهر أكثرها، وقال ابن المنير: أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد، فهي من الأمور التي لم تقع بعد، وفيه بشارة ونذارة، وذلك أنه دلَّ على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه، ووقع في رواية للحاكم من طريق الشعبي، عن عوف بن مالك، في هذا الحديث: أن عوف بن مالك، قال لمعاذ في طاعون عمواس: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لي: اعدد ستاً بين يدي الساعة، فقد وقع منهن ثلاث، يعني موته صلى الله عليه وآله وسلم، وفتح بيت المقدس، والطاعون، قال: وبقي ثلاث فقال له معاذ: إن لهذا أهلاً. ووقع في الفتن، لنعيم بن حماد، أن هذه القصة تكون في زمن المهدي، على يد ملك من آل هرقل.
وشرحه العيني في عمدة القاري، فقال *[(عمده القاري/عيني 99:15و100/ح6713)] :
قوله: (غاية)، بالغين المعجمة، وبالياء، آخر الحروف: الراية، وقال ابن الجوزي: رواه بعضهم بالباء الموحدة، وهي الأجمة، وشبَّه كثرة الرماح للعسكر بها، فاستعيرت له، يعني: يأتون قريباً من ألف ألف رجل، قاله الكرماني، وقال غيره: الجملة في الحساب تسعمائة ألف وستون ألفاً، وقال الخطابي: الغاية الغيضة، فاستعيرت للرايات ترفع لرؤساء الجيش. وقال الجواليقي: غاية وراية واحد؛ لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف وإذا مشت تبعها، وهذه الست المذكورة ظهرت منها الخمس: موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفتح بيت المقدس، والموتان كان في طاعون عمواس زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مات فيه سبعون ألفاً في ثلاثة أيام، واستفاضة المال كانت في خلافة عثمان رضي الله عنه عند تلك الفتوح العظيمة، والفتنة استمرت بعده، والسادسة لم تجئ بعد، وروى ابن دحية، من حديث حذيفة، مرفوعاً: أن الله تعالى يرسل ملك الروم، وهو الخامس من أولاد هرقل، يقال له: صمارة، فيرغب إلى المهدي في الصلح، وذلك لظهور المسلمين على المشركين، فيصالحه إلى سبعة أعوام، فيضع عليهم ((الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)) *[(التوبة: 29)] . ولا يبقى لرومي حرمة، ويكسر لهم الصليب، ثمّ يرجع المسلمون إلى دمشق، فإذا هم كذلك، إذا رجل من الروم قد التفت، فرأى أبناء الروم وبناتهم في القيود، فرفع الصليب، ورفع صوته، وقال: ألا من كان يعبد الصليب فلينصره، فيقوم إليه رجل من المسلمين فيكسر الصليب، ويقول: الله أغلب وأعز، فحينئذٍ يغدرون، وهم أولى بالغدر، فيجتمع عند ذلك ملوك الروم خفية، فيأتون إلى بلاد المسلمين وهم على غفلة، مقيمين على الصلح، فيأتون إلى أنطاكية في اثني عشر ألف راية، تحت كل راية اثني عشر ألفاً، فعند ذلك يبعث المهدي إلى أهل الشام، والحجاز، والكوفة، والبصرة، والعراق، يستنصر بهم، فيبعث إليه أهل الشرق: أنه قد جاءنا عدو من أهل خراسان، شغلنا عنك. فيأتي إليه بعض أهل الكوفة، والبصرة، فيخرج بهم إلى دمشق، وقد مكث الروم فيها أربعين يوماً يفسدون ويقتلون، فينزل الله صبره على المسلمين فيخرجون إليهم، فيشتد الحرب بينهم، ويستشهد من المسلمين خلق كثير، فيا لها من وقعة ومقتلة ما أعظمها وأعظم هولها، ويرتد من العرب يومئذٍ أربع قبائل: سليم، وفهد، وغسان، وطي، فيلحقون بالروم، ثمّ إن الله ينزل الصبر والنصر والظفر على المؤمنين، ويغضب على الكافرين، فعصابة المسلمين يومئذٍ خير خلق الله تعالى، والمخلصين من عباده، وليس فيهم مارد ولا مارق ولا شارد ولا مرتاب ولا منافق، ثمّ إن المسلمين يدخلون إلى بلاد الروم، ويكبرون على المدائن والحصون فتقع أسوارها بقدرة الله تعالى، فيدخلون المدائن والحصون، ويغنمون الأموال ويسبون النساء والأطفال، وتكون أيام المهدي أربعين سنة: عشر منها بالمغرب، واثني عشر سنة بالمدينة، واثني عشر سنة بالكوفة، وستة بمكّة، وتكون مَنيّته فجاءة.
2-وفيه، وفي صحيح مسلم النيسابوري ـ أيضاً ـ *[(صحيح البخاري143:4؛ صحيح مسلم94:1؛ وهو أيضا في مسند أحمد 336:2؛ وعون المعبود 309:11؛ وصحيح ابن حبان 213:15؛ ومعجم الأوسط للطبراني 86:9؛ والجامع الصغير للسيوطي299:2/ ح6440؛ وكنز العمال334:14/ ح38845)] :
حدّثنا ابن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري: أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم).
3-ما جاء من ذلك في مسند أحمد بن حنبل *[(مسند أحمد 84:1)] :
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا فضل بن دكين، ثنا ياسين العجلي، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفية، عن أبيه، عن عليّ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة).
وفيه *[(مسند احمد 21:3و22)] :
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن جعفر، حدّثنا شعبة، قال: سمعت زيداً أبا الحواري، قال: سمعت أبا الصديق، يحدّث عن أبي سعيد الخدري، قال: خشينا أن يكون بعد فينا حدث، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (يخرج المهدي في أمّتي، خمساً، أو سبعاً، أو تسعاً) ـ زيد الشكّ ـ قال: قلت: أي شيء؟ قال: (سنين)، ثمّ قال: (يرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدخر الأرض من نباتها شيئاً، ويكون المال كدوساً)، قال: (يجيء الرجل إليه، فيقول: يا مهدي أعطني أعطني). قال: (فيحثى له في ثوبه، ما استطاع أن يحمل).
وفيه *[(مسند أحمد 277:5)] :
حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا وكيع، عن شريك، عن عليّ بن زيد، عن أبي قلابة، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها، فإنّ فيها خليفة الله المهدي).
4-ما جاء من ذلك في باب خروج المهدي، في سنن ابن ماجة، محمّد بن يزيد القزويني *[(سنن ابن ماجه1366:2/ باب خروج المهدي)] :
حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا معاوية بن هشام، حدّثنا عليّ بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أغرورقت عيناه وتغيّر لونه. قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال: (إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا. وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً. حتّى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم، ولو حبواً على الثلج) *[(سنن ابن ماجه1366:2/ باب خروج المهدي/ ح4082. وعلق عليه فقال: (في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن ابي زياد الكوفي. لكن لم ينفرد يزيد بن ابي زياد عن إبراهيم. فقد رواه الحاكم في المستدرك، من طريق عمر بن قيس، عن الحاكم، عن إبراهيم )] . . .
* * *

تعليقات
إرسال تعليق
أضف تعليقاً