المصلح المنقذ في الديانات

المصلح في الديانة المسيحية: 
‏ ‏‏     أهم نص يدور حوله فكر متكامل في المسيحية، هو انتظار (الفارقليط، البركليت، الباركليت)، وهذا (البركليت) في الحقيقة، سيقوم بتطويع جميع الناس للدين، وسيحاسب المجرمين، ويقوم بالقسطاس.
طبعاً تُرجم (البركليت) في الكتب المسيحية، بـ (المعزي، والمسلي) ولكن المسلمون تمسكوا بأن المقصود به هو النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وينفي المسيحيون ذلك.
ونحن ـ هنا بتجرد تام ـ نريد أن نعرف ما قصة هذا اللفظ؟
فهو إما أن يكون عبارة عن لفظين متقاربين: (البركليت، الباركليت) أحدهما: (أحمد). أو إنه لفظ واحد يحمل معنيين، ولهذا تمسك المسلمون به.
ومن الطريف من باب: (أراد أن ينفي فأثبت): إن مستشرقاً شاتماً للنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم اعترف باعتراف طريف، إذ اعتبر أن معلم النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم خلط بين لفظين متشابهين أحدهما بدون امتداد، ويعني بهما كلمتي: (باركليتوس) و (بريكليتوس) *[( الفرق بينهما من ناحيه الصوتيه، هو الفرق بين الفتحه والكسره. وفي اللغه الإنجليزيه هو الفرق بين (E)وبين (A)، ولعل الأمر نفسه، في اللغه اللاتينيه الأصل.وهذا من أبسط موارد التصحيف، التي تواجه الأخطاء الكتابيه في النقل، فما أكثر تصحيف (حسن) ب (حسين) في الكتب الحديث؟ وهو أصعب تصحيفا لأن الاختلاف ليس بمستوى الفتحه والكسره. ولا يمكن الجزم- بناءا على هذا، في تحويل الكلمه إلى الجهه التي لا تعجب المستخدم. فهذا استخدام أنتقائي غير مبرر، وهو ليس مسلكا دينيا، فالمتدين ليس أمام لعبه كلمات متقاطعه، وأنما هو أمام نص ديني، هو حجه عليه أمام الله)] ، والتي بدون امتداد تعني: (أحمد) والثانية تعني: (المعزي) فهو قد أثبت التشابه الصوتي، إلى درجة شبيهة بالتطابق بين كلمتين، إحداهما تعني: (أحمد) أو (محمّد) أو (المحمود) وهذا يعني أن استدلال المسلمين لم يكن من فراغ. وإنما يستند إلى لفظ متفق على كون أحد صيغتيه الصوتيتين هو (محمّد).
يبقى أنه هل هو ما يقول به المسيحيون؟ أم ما يقول به المسلمون؟ وهذا يحتاج إلى دليل نفي قاطع بكونه ليس اللفظ الذي يعني: (محمّداً). لأن المحتمل يحتاج إلى دليل نفي حتّى ينتفي.
والسبب في الشكّ في القائل، هو توفر القصد والمنفعة في تغيير اللفظ، وأما ادعائهم أن معلّم النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم خلط بين لفظين، فهذا أوّل الكلام.
فهل سمع هذا المستشرق كلمة (بركليت) أو (باركليت) من النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أو من معلمه حتّى يقول ما قال؟
المشكلة أن الدلائل تشير ـ بكل تأكيد ـ إلى أن النبي محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم مرسل من الله، وليس لديه أيّ معرفة بكتب السابقين. ولم يتفرد أو يدرس هذه الكتب المعقدة اللفظ نتيجة تعدد الترجمات. ولهذا فإن افتراض هذا المستشرق ما هو إلاّ ضرب من الخيال الذي يثبت المطلوب، رغم أنه يسعى لنفيه (ذكر المستشرق في كتابه (tisdall))
( the otiginal sources of  quran):190.
(إن (محمدا) ضلل من قبل معلم جاهل حيث قرأ نص يوحنا:26:15و7:16 بكلمه يونانيه بدون امتداد، متخيلا أنها تعني (أحمد) العربيه، وهي ممدوح جدا (المحمود- أفعل التفضيل من حمد). والمقصود بذلك- طبعا- (بريكليتيوس) التي ترجموها ب (المعزي). ويلاحظ على هذا النص أنه لم يحدد اللفظين، وأنما أشار- فقط - إلى أن أحدهما فيه امتداد يدل على كلمه: (أحمد) بينما الآخر لا يدل على ذلك. والنص يتهم المعلم المفترض للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم! بأنه أختار لفظه- تناسب مدعاه - أعتقادا منه بأن النبي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم او معلمه المزعوم هو مؤلف القرآن، جهلا منه بطبيعه كل من القرآن وبيئه النبي محمدا صلى الله عليه وآله وسلم الثقافيه، على أن وجود الأحتمال يبطل استدلاله، فلماذا لا يقول بأنهم أختاروا غيرها من أجل التخلص من هذه المصيبه العظيمه عليهم؛ لوجود الاحتمال بها؟) ولو سأل أحد: فما علاقة النص على اسم النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، بالنص على الإمام المهدي؟
وهنا ـ أقول: إن في النص ما يدل على أن محمّداً ـ هنا ـ ليس هو النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما ابنه محمّد المهدي عليه السلام، لما يحصل على يديه، فالتفسير الأشمل للنص، هو: أن النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، إذا كان هو: (البركليت)، وهو: (المسيّا) الموعود (ذكرنا آنفا: أن (بركليت) باللغه اليونانيه هي(أفعل) التفضيل من (حمد)، و(مسيا) في اللغه العبريه هي: (حمدا) بكسر الحاء، وتلفظ بهذا اللفظ- بالضبط) ، فإن ذلك لا يتم في التطبيق، إلاّ بشريعته، عبر ابنه الإمام المهدي عليه السلام، الذي ينشر شريعة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، على كل العالم، وهذا الفهم ناتج من ضرورة الاختلاف في التطبيق، بين النص والواقع.
وبهذا التفسير، يمكن أن نفهم أن (البركليت) الذي هو (مسيّا) والذي سيظهر آخر الزمان، برسالة عامة، ويقمع الباطل، ويبيّن جميع الحق ـ بلا استثناء ـ يصح أن يكون هو محمّد الإمام المهدي عليه السلام، الذي هو المطبق الحقيقي لشريعة محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا بسبب ملحقات النص إذا صح النص نفسه.
فلنبحث في صفات (البركليت) أو (الباركليت) في إنجيل يوحنا الإصحاح الخامس عشر والسادس عشر، ونحن نورد النص كاملاً ـ هنا ـ من أجل المزيد من الفائدة (الآيات: 15/ 13:26،16 من إنجيل يوحنا).
(ومتى جاء المعزي (بركليت) الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق (إن كلمه روح الحق تختلف- بكل وضوح- عن روح القدس. وعليه: فإن تفسير(البركليت) بروح القدس الذي ظهر لرسل المسيح وحواريه يعتبر تزويرا للنص. وهو يوجد مشكله حقيقيه لإنجيل يوحنا. وقد تقدمت الإشاره إلى ذلك.) ، الذي من عند الأب ينبثق، فهو يشهد لي *[( هذا يعني أنه يستحيل أن يكون هو المسيح نفسه، كما فسر في بعض التفسيرات الغريبه، بأن (البركليت) الذي ظهر للرسل هو المسيح؛ لأنه يرسله، وسيشهد له، فلا يمكن اعتباره نفسه باتحاد الرسول والمرسل. وهذا غير معقول- اصلا-)] وتشهدون أنتم أيضاً؛ لأنكم معي من الابتداء *[(هذا يعني: أنه يستحيل أن يكون هو نفسه أحد رسل المسيح؛ لأنهم سيشهدون مع روح الحق الذي هو (البركليت) فإذا لم يكن هو روح القدس الملاك، ولا يكون هو المسيح نفسه، ولا يكون هو أحد الرسل، والحواريين، فإذن القضيه أصبحت واضحه، فالحديث عن شخصيه أخرى، والأحرى بالمسيحيه أن تفكر بدراستها والتعرف عليها. ولعله بالوصول إلى الحقيقه تزول الضغائن لاتحاد المطلوب من الجميع فلا مشكله حقيقيه في إيمان الديانات.)] / قد كلمتكم بهذا؛ لكي لا تعثروا/ سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدّم خدمة لله/ وسيفعلون هذا بكم؛ لأنهم لم يعرفوا الأب ولا عرفوني/ لكني قد كلمتكم بهذا؛ حتّى إذا جاءت الساعة تذكرون أني أنا قلته لكم، ولم أقل لكم من البداية؛ لأني كنت معكم/ وأما الآن، فأنا ماض إلى الذي أرسلني، وليس أحد منكم يسألني أين تمضي/ لكن؛ لأني
قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم/ لكني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أنطلق؛ لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي (بركليت) ولكن إن ذهبت أرسله إليكم *[(هذا النص يدل على عدم الأجتماع- اصلا- بين المسيح و(البركليت) بينما المسيح وروح القدس مجتمعان، وكان معه، ومعهم، وقد شاهده الحواريين، وشاهد الناس آياته. فتكون كل التفسيرات عباره على إسقاط مذهبي عن النص، من أجل إكمال الصوره، غير تامه الأجزاء)]. ومتى جاء ذاك، يبكت العالم على خطية، وعلى بر وعلى دينونة/ أما على خطية؛ فلأنهم لا يؤمنون بي/ وأما على بر؛ فلأني ذاهب إلى أبي، ولا ترونني أيضاً/ وأما على دينونة؛ فلأن رئيس هذا العالم قد دين/ إن لي أموراً كثيرة أيضاً؛ لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن/ وأما متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية) *[(هذا المقطع من النص يوضح فرقا بين محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبين محمد المهدي الإمام عليه السلام؛ لأنه يقول بأنقطاع حجه الباطل في العالم، وبالتكلم بالعلم اللدني، دون العلم الظاهري، وهذا من صفات المهدي عليه السلام وليس من صفات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم)] .
رغم وجود خلل في السياق وفي التراكيب اللغوية وفي ترابط المعاني فإن الجمل الأخيرة من النص يجب التفكير فيها وتفسيرها جيداً، فهي تتحدّث عن الإفصاح عن جميع الحق. وهذا يعني محو أيّ مجال للمغالطة. فهو ـ أي المذكور في النص ـ يتكلّم بموجب العلم اللدني. بخلاف تكليف عموم الأنبياء، والأئمّة، والمصلحين. ويتكلّم بالمغيبات للأشخاص، وهذا يقتضي الحكم بموجبها، وهو الحكم وفق العلم اللدني. وهذا لا ينطبق إلاّ على المهدي عليه السلام، وفق النصوص؛ ولأن هذا النص مخالف لواقع كل من تقدم من أهل البلاغ.
لقد نقل الدكتور نصر الله أبو طالب في كتابه آنف الذكر، وبحسب ما ذكر في لفائف البحر الميت، التي سميت بمخطوطات قمران. نصاً من المخطوطة رقم‏: ١٥، يقول *[(تباشير الإنجيل، والتوراة بالإسلام، والرسوله محمد: 509)] :
١٥: the dead sea scriptures page.
“the prophet that is to arise at end of days”.
وتصح ترجمة هذا النص، بالشكل التالي:
(النبي (أو القديس) الذي سيظهر في نهاية العالم). ‏
إن نهاية العالم، التي اتفقت الأديان الثلاثة، على تحديدها، كزمن لظهور المصلح المنقذ العالمي، يجعل كل النصوص المتقدمة لا تنطبق على أحد من الأنبياء، إلاّ إذا ثبت النص على نبي محدد بالصفة، بدون نهاية العالم، ولكن النصوص عكس هذا.
وهذا هو ما قلناه، من طريقة التمييز في البشارة بـ (أحمد) بين النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، صاحب الشريعة الشاملة، وبين الإمام محمّد عليه السلام، صاحب التطبيق الشامل على البشر، وإنقاذ البشرية من الجور والظلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رقعة لقضاء الحاجة

دعاؤه عليه السلام في الصلوات على النبي وآله (عليهم السلام) .

دعاؤه عليه السلام في الشدائد والمهمات المسمى بدعاء العلوي المصري.